Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 62-74)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَذَلِكَ خَيْرٌ } أي : ذلك النعيم الذي وصفناه لأهل الجنة خير ، أم العذاب الذي يكون في الجحيم من جميع أصناف العذاب ؟ فأي الطعامين أولى ؟ الذي وصف في الجنة { أَمْ } طعام أهل النار ؟ وهو { شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً } أي : عذاباً ونكالاً { لِّلظَّالِمِينَ } أنفسهم بالكفر والمعاصي . { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } أي : وسطه ، فهذا مخرجها ، ومعدنها أشر المعادن وأسوؤها ، وشر المغرس يدل على شر الغراس وخسته ، ولهذا نبهنا اللّه على شرها بما ذكر أين تنبت به ، وبما ذكر من صفة ثمرتها . وأنها كـ { رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ } فلا تسأل بعد هذا عن طعمها ، وما تفعل في أجوافهم وبطونهم ، وليس لهم عنها مندوحة ولا معدل . ولهذا قال : { فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } فهذا طعام أهل النار ، فبئس الطعام طعامهم ، ثم ذكر شرابهم فقال : { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا } أي : على أثر هذا الطعام { لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } أي : ماءً حاراً ، قد انتهى ، كما قال تعالى : { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } [ الكهف : 29 ] وكما قال تعالى : { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } [ محمد : 15 ] . { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ } أي : مآلهم ومقرهم [ ومأواهم ] { لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } ليذوقوا من عذابه الشديد وحره العظيم ، ما ليس عليه مزيد من الشقاء . وكأنه قيل : ما الذي أوصلهم إلى هذه الدار ؟ فقال : { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ } أي : وجدوا { آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ * فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } أي : يسرعون في الضلال ، فلم يلتفتوا إلى ما دعتهم إليه الرسل ، ولا إلى ما حذرتهم عنه الكتب ، ولا إلى أقوال الناصحين ، بل عارضوهم بأن قالوا : { إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [ الزخرف : 23 ] . { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ } أي : قبل هؤلاء المخاطبين { أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ } وقليل منهم آمن واهتدى . { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ } ينذرونهم عن غيهم وضلالهم ، { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ } كانت عاقبتهم الهلاك والخزي والفضيحة ، فليحذر هؤلاء أن يستمروا على ضلالهم ، فيصيبهم مثل ما أصابهم . ولما كان المنذرون ليسوا كلهم ضالين ، بل منهم مَنْ آمن وأخلص الدين للّه ، استثناه اللّه من الهلاك فقال : { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } أي : الذين أخلصهم اللّه ، وخصهم برحمته لإخلاصهم ، فإن عواقبهم صارت حميدة . ثم ذكر أنموذجاً من عواقب الأمم المكذبين ، فقال : { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ … } .