Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 60-63)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعجب تعالى عباده من حالة المنافقين . { ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ } مؤمنون بما جاء به الرسول وبما قبله ، ومع هذا { يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّاغُوتِ } وهو كل مَنْ حكم بغير شرع الله فهو طاغوت . والحال أنهم { وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ } فكيف يجتمع هذا والإيمان ؟ فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل أمر من الأمور ، فمَنْ زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله ، فهو كاذب في ذلك . وهذا من إضلال الشيطان إياهم ، ولهذا قال : { وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً } عن الحق . { فَكَيْفَ } يكون حال هؤلاء الضالين { إِذَآ أَصَٰبَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من المعاصي ، ومنها تحكيم الطاغوت ؟ ! { ثُمَّ جَآءُوكَ } معتذرين لما صدر منهم ، ويقولون : { إِنْ أَرَدْنَآ إِلاَّ إِحْسَٰناً وَتَوْفِيقاً } أي : ما قصدنا في ذلك إلاّ الإحسان إلى المتخاصمين والتوفيق بينهم ، وهم كذبة في ذلك . فإن الإحسان كل الإحسان تحكيم الله ورسوله { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ المائدة : 50 ] . ولهذا قال : { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } أي : من النفاق والقصد السيئ . { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } أي : لا تبال بهم ولا تقابلهم على ما فعلوه واقترفوه . { وَعِظْهُمْ } أي : بين لهم حكم الله تعالى مع الترغيب في الانقياد لله ، والترهيب من تركه ، { وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } أي : انصحهم سراً بينك وبينهم ، فإنه أنجح لحصول المقصود ، وبالغ في زجرهم وقمعهم عمّا كانوا عليه ، وفي هذا دليل على أن مقترف المعاصي وإن أعرض عنه فإنه ينصح سراً ، ويبالغ في وعظه بما يظن حصول المقصود به .