Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 71-73)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ } يا أيها الرسول للمشركين بالله ، الداعين معه غيره ، الذين يدعونكم إلى دينهم ، مبيناً وشارحاً لوصف آلهتهم ، التي يكتفي العاقل بذكر وصفها عن النهي عنها ، فإن كل عاقل إذا تصور مذهب المشركين جزم ببطلانه قبل أن تقام البراهين على ذلك ، فقال : { أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا } وهذا وصف يدخل فيه ، كل مَن عُبِد مِنْ دون الله ، فإنه لا ينفع ولا يضر ، وليس له من الأمر شيء ، إن الأمر إلا لله . { وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا } أي : وننقلب بعد هداية الله لنا إلى الضلال ، ومن الرشد إلى الغي ، ومن الصراط الموصل إلى جنات النعيم ، إلى الطرق التي تفضي بسالكها إلى العذاب الأليم ، فهذه حال لا يرتضيها ذو رشد ، وصاحبها { ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فِي ٱلأَرْضِ } أي : أضلته وتيهته عن طريقه ومنهجه ، الموصل له إلى مقصده . فبقي { حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى } والشياطين يدعونه إلى الردى ، فبقي بين الداعين حائراً وهذه حال الناس كلهم ، إلا مَنْ عصمه الله تعالى ، فإنهم يجدون فيهم جواذب ودواعي متعارضة ، دواعي الرسالة والعقل الصحيح ، والفطرة المستقيمة { يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى } والصعود إلى أعلى عليين . ودواعي الشيطان ومَنْ سلك مسلكه ، والنفس الأمارة بالسوء ، يدعونه إلى الضلال ، والنزول إلى أسفل سافلين ، فمن الناس مَنْ يكون مع داعي الهدى في أموره كلها أو أغلبها ، ومنهم مَنْ بالعكس من ذلك . ومنهم مَنْ يتساوى لديه الداعيان ، ويتعارض عنده الجاذبان ، وفي هذا الموضع تعرف أهل السعادة من أهل الشقاوة . وقوله : { قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ } أي : ليس الهدى إلا الطريق التي شرعها الله على لسان رسوله ، وما عداه فهو ضلال وردى وهلاك . { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } بأن ننقاد لتوحيده ، ونستسلم لأوامره ونواهيه ، وندخل تحت عبوديته ، فإن هذا أفضل نعمة أنعم الله بها على العباد ، وأكمل تربية أوصلها إليهم . { وَأَنْ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ } أي : وأمرنا أن نقيم الصلاة بأركانها وشروطها وسننها ومكملاتها . { وَٱتَّقُوهُ } بفعل ما أمر به ، واجتناب ما عنه نهى . { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي : تُجْمَعون ليوم القيامة ، فيجازيكم بأعمالكم خيرها وشرها . { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } ليأمر العباد وينهاهم ، ويثيبهم ويعاقبهم ، { وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ } الذي لا مرية فيه ولا مثنوية ، ولا يقول شيئاً عبثاً { وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } أي : يوم القيامة ، خصه بالذكر - مع أنه مالك كل شيء - لأنه تنقطع فيه الأملاك ، فلا يبقى ملك إلا الله الواحد القهار . { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } الذي له الحكمة التامة ، والنعمة السابغة ، والإحسان العظيم ، والعلم المحيط بالسرائر والبواطن والخفايا ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه .