Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 17-30)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذكر تعالى ما يكون في يوم القيامة الذي يتساءل عنه المكذبون ، ويجحده المعاندون ، أنه يوم عظيم ، وأن الله جعله { مِيقَاتاً } للخلق { يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } ويجري فيه من الزعازع والقلاقل ما يشيب له الوليد ، وتنزعج له القلوب ، فتسير الجبال ، حتى تكون كالهباء المبثوث ، وتشقق السماء حتى تكون أبواباً ، ويفصل الله بين الخلائق بحكمه الذي لا يجور ، وتوقد نار جهنم التي أرصدها الله وأعدها للطاغين ، وجعلها مثوى لهم ومآباً ، وأنهم يلبثون فيها أحقاباً كثيرة ، و " الحقب " على ما قاله كثير من المفسرين : ثمانون سنة . وهم إذا وردوها { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } أي : لا ما يبرد جلودهم ، ولا ما يدفع ظمأهم . { إِلاَّ حَمِيماً } أي : ماءً حاراً ، يشوي وجوههم ، ويقطع أمعاءهم ، { وَغَسَّاقاً } وهو : صديد أهل النار ، الذي هو في غاية النتن ، وكراهة المذاق ، وإنما استحقوا هذه العقوبات الفظيعة جزاءً لهم ، ووفاقاً على ما عملوا من الأعمال الموصلة إليها ، لم يظلمهم الله ، ولكن ظلموا أنفسهم ، ولهذا ذكر أعمالهم ، التي استحقوا بها هذا الجزاء ، فقال : { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } أي : لا يؤمنون بالبعث ، ولا أن الله يجازي الخلق بالخير والشر ، فلذلك أهملوا العمل للآخرة . { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } أي : كذبوا بها تكذيباً واضحاً صريحاً وجاءتهم البينات فعاندوها . { وَكُلَّ شَيْءٍ } من قليل وكثير ، وخير وشر { أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } أي : كتبناه في اللوح المحفوظ ، فلا يخشى المجرمون أنا عذبناهم بذنوب لم يعملوها ، ولا يحسبوا أنه يضيع من أعمالهم شيء ، أو ينسى منها مثقال ذرة ، كما قال تعالى : { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [ الكهف : 49 ] . { فَذُوقُواْ } أيها المكذبون هذا العذاب الأليم والخزي الدائم { فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } وكل وقت وحين يزداد عذابهم [ وهذه الآية أشد الآيات في شدة عذاب أهل النار أجارنا الله منها ] .