Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 41-42)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ } أي : أخذتم من مال الكفار قهراً بحق ، قليلاً كان أو كثيراً . { فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ } أي : وباقيه لكم أيها الغانمون ، لأنه أضاف الغنيمة إليهم ، وأخرج منها خمسها ، فدل على أن الباقي لهم ، يقسم على ما قسمه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : للراجل سهم ، وللفارس سهمان لفرسه ، وسهم له . وأما هذا الخمس ، فيقسم خمسة أسهم ، سهم للّه ولرسوله ، يصرف في مصالح المسلمين العامة ، من غير تعيين لمصلحة ، لأن اللّه جعله له ولرسوله ، واللّه ورسوله غنيان عنه ، فعلم أنه لعباد اللّه ، فإذا لم يعين اللّه له مصرفاً ، دلَّ على أن مصرفه للمصالح العامة . والخمس الثاني : لذي القربى ، وهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم وبني المطلب ، وأضافه اللّه إلى القرابة دليلاً على أن العلة فيه مجرد القرابة ، فيستوي فيه غنيهم وفقيرهم ، ذكرهم وأنثاهم . والخمس الثالث لليتامى ، وهم الذين فقدت آباؤهم وهم صغار ، جعل اللّه لهم خمس الخمس رحمة بهم ، حيث كانوا عاجزين عن القيام بمصالحهم ، وقد فقد من يقوم بمصالحهم . والخمس الرابع للمساكين ، أي : المحتاجين الفقراء من صغار وكبار ، ذكور وإناث . والخمس الخامس لابن السبيل ، وهو : الغريب المنقطع به في غير بلده ، [ وبعض المفسرين يقول إن خمس الغنيمة لا يخرج عن هذه الأصناف ولا يلزم أن يكونوا فيه على السواء بل ذلك تبع للمصلحة وهذا هو الأولى ] وجعل اللّه أداء الخمس على وجهه شرطاً للإيمان ، فقال : { إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } وهو يوم " بدر " الذي فرق اللّه به بين الحق والباطل ، وأظهر الحق وأبطل الباطل . { يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } جمع المسلمين ، وجمع الكافرين ، أي : إن كان إيمانكم باللّه ، وبالحق الذي أنزله اللّه على رسوله يوم الفرقان ، الذي حصل فيه من الآيات والبراهين ، ما دلّ على أن ما جاء به هو الحق . { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } لا يغالبه أحد إلا غلبه . { إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا } أي : بعدوة الوادي القريبة من المدينة ، وهم بعدوته أي : جانبه البعيدة من المدينة ، فقد جمعكم واد واحد . { وَٱلرَّكْبُ } الذي خرجتم لطلبه ، وأراد اللّه غيره { أَسْفَلَ مِنكُمْ } مما يلي ساحل البحر . { وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ } أنتم وإياهم على هذا الوصف وبهذه الحال { لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ } أي : لا بد من تقدم أو تأخر ، أو اختيار منزل ، أو غير ذلك ، مما يعرض لكم أو لهم ، يصدفكم عن ميعادكم . { وَلَـٰكِن } اللّه جمعكم على هذه الحال { لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } أي : مقدراً في الأزل ، لا بد من وقوعه . { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ } أي : ليكون حجة وبينة للمعاند ، فيختار الكفر على بصيرة وجزم ببطلانه ، فلا يبقى له عذر عند اللّه . { وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ } أي : يزداد المؤمن بصيرة ويقيناً ، بما أرى اللّه الطائفتين من أدلة الحق وبراهينه ، ما هو تذكرة لأولي الألباب . { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } سميع لجميع الأصوات ، باختلاف اللغات ، على تفنن الحاجات ، عليم بالظواهر والضمائر والسرائر ، والغيب والشهادة .