Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 83, Ayat: 7-17)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ } [ وهذا شامل لكل فاجر ] من أنواع الكفرة والمنافقين ، والفاسقين { لَفِي سِجِّينٍ } ثم فسّر ذلك بقوله : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } أي : كتاب مذكور فيه أعمالهم الخبيثة ، والسجّين : المحل الضيق الضنك ، و " سجين " ضد " عليين " الذي هو محل كتاب الأبرار ، كما سيأتي . وقد قيل : إن " سجين " هو أسفل الأرض السابعة ، مأوى الفجار ومستقرهم في معادهم . { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } ثم بين المكذبين بأنهم { ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } أي : يوم الجزاء ، يوم يدين الله فيه الناس بأعمالهم . { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ } على محارم الله ، متعد من الحلال إلى الحرام . { أَثِيمٍ } أي كثير الإثم ، فهذا الذي يحمله عدوانه على التكذيب ، ويحمله [ عدوانه على التكذيب ويوجب له ] كبره رد الحق ، ولهذا { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا } الدالة على الحق ، و [ على ] صدق ما جاءت به رسله ، كذبها وعاندها ، و { قَالَ } : هذه { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي : من ترهات المتقدمين ، وأخبار الأمم الغابرين ، ليس من عند الله تكبُّراً وعناداً . وأما من أنصف ، وكان مقصوده الحق المبين ، فإنه لا يكذب بيوم الدين ، لأن الله قد أقام عليه من الأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة ، ما يجعله حق اليقين ، وصار لقلوبهم مثل الشمس للأبصار ، بخلاف من ران على قلبه كسبه ، وغطته معاصيه ، فإنه محجوب عن الحق ، ولهذا جوزي على ذلك ، بأن حجب عن الله ، كما حجب قلبه في الدنيا عن آيات الله ، { ثُمَّ إِنَّهُمْ } مع هذه العقوبة البليغة { لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ } ثم يقال لهم توبيخاً وتقريعاً : { هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } فذكر لهم ثلاثة أنواع من العذاب : عذاب الجحيم ، وعذاب التوبيخ ، واللوم . وعذاب الحجاب من رب العالمين ، المتضمن لسخطه وغضبه عليهم ، وهو أعظم عليهم من عذاب النار ، ودل مفهوم الآية ، على أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة وفي الجنة ، ويتلذذون بالنظر إليه أعظم من سائر اللذات ، ويبتهجون بخطابه ، ويفرحون بقربه ، كما ذكر الله ذلك في عدة آيات من القرآن ، وتواتر فيه النقل عن رسول الله . وفي هذه الآيات ، التحذير من الذنوب ، فإنها ترين على القلب وتغطيه شيئاً فشيئاً ، حتى ينطمس نوره ، وتموت بصيرته ، فتنقلب عليه الحقائق ، فيرى الباطل حقاً ، والحق باطلاً ، وهذا من بعض عقوبات الذنوب .